مظاهر.. مسرحية مصطنعة أم قضية واقعية؟!

قراءة المشهد السياسي أمر في غاية الصعوبة، ولربما يثير الشعور بالخوف والإحساس بالفوضى!  فما السبب؟!

أعتقد أن الجمود هو أحد الأسباب، فحينما يسيطر الغموض على المشهد العام، فأعتقد إن ذلك نتيجة للجمود؛ فالجمود لا يعني دائماً عدم الإستجابة، وإنما يعني أحياناً الإستجابة بالطريقة الأوتوماتيكية المعتادة وانتظار نتائج مختلفة! بالرغم من عدم إختلاف الأسباب والمسببات.

ومما لا شك فيه أن الرأي العام هو القوة المحركه لعجلة التغيير، ولكن عندما تنحصر ثقافة الرأي العام في دائرة (مع/ضد) تتساوى قوى الدفع وتصبح نتيجة التغيير صفر، وبذلك يسهل السيطرة على الرأي العام وتسييره! فقوة الرأي العام تكون برأي الأغلبية ولا يكون ذلك إلا بالوعي المستنير، ومن المؤسف أن لا يعدوا تأثيير الرأي العام الثرثرة، لهذا أعتقد أنه من الأجدى تغيير الأدوات، وإعادة توضيح المفاهيم وتحديدها، للخروج من حالة الغموض والجمود.

من المعروف أنه عندما تبتعد قليلاً ستستطيع أن ترى بشكل أفضل، ولكن أعتقد أن ذلك لا يكفي، عليك أيضأ أن تخرج قليلاً من نفسك كي ترى بشكل منصف وحقيقي، فأن ترى بعين نفسك هو أن ترى ما تريد أو ما تتمنى فقط لا أن ترى الأشياء على حقيقتها الفعلية.

مظاهر اسم تردد كثيراً في الفترة القليلة الماضية وقضيته أحدثت ضجيجاً غير معتاد، وخلقت أجواء من السخط والإستهجان والسخرية والفضول والترقب المتواصل، كما أن البعض أطلق عليها وصف أحداث مسلسل مشوق!

برغم من تزاحم الأدلة في قضية مظاهر التى تجعل المرء في الوهلة الأولى يشعر بإنجلاء الغمام، وإنكشاف الفساد، إلا أنه رغماً عنه سرعان ما يطغى شعور آخر يتناقض كلياً مع ذلك الشعور! شعور بالريب والتناقض يجعل كل شئ أقرب إلى العبث منه إلى الحقيقة! فكلما ازدادت الأدلة ازدادت الفراغات! وكلما إزداد الوضوح إزداد الغموض! وكلما ازدادت الإجابات ازدادت علامات الإستفهام.

 

لا يمكن تجاهل أن هذه القضية تشعرنا أحياناً وكأنها مسرحية مصطنعة، وكأن أبطالها قرابين وضعوا على خشبة المسرح لإختزال الفساد بهم، وكالمعتاد لتصفيق بحرارة للإنجاز العظيم بعد أن يذبح الفساد أخيراً، ويسدل الستار! وتارةً أخرى تشعرنا بأنها حرب مفتعلة لتلمع أسماء وتسقط أسماء أخرى، وتارة أخرى تشعرنا بأنه لغز مفبرك عبثي لا يريد الإنتهاء لإختلاق قضية تجمد الرأي العام.

في جميع الأحوال هل هنالك من شيء يعود كما كان في السابق بعد أن خرج للعلن؟عندما تنعدم الثقة في العلن ما الذي يبقى؟هل استبدال الأسماء بأسماء أخرى سيقضي على الفساد وينصف الوطن؟

لربما جميعنا يسكننا ذلك الأمل المشرق بأن يذوب الجليد يوماً ما، ويتعافى الوطن من الفساد، ليشرق وجه الوطن بإبتسامة أبدية تبدد الظلام؛ ولكن عندما تكون المبادئ الجديدة(مبادئ الإصلاح) لم تترسخ أصولها بعد، والمبادئ القديمة لا تزال موجودة بعد أن فقدت قواها، يصبح نظام الحياة الذي أهتز من أساسه أشبه بوحل زلق مضطرب، فلا يزال الخير يرتطم بالشر والجهل بالخيانة، فعندئذ ليس كل نور يلمع مصدره الشمس! كما أن السير في طريق ما دون إيمان حقيقي وفهم عميق ينتهي بحفرة فارغة من أي معنى، ولكن جرعة من الفهم والإيمان والجمال كفيلة بتبديد الضباب وإنقاذ الوطن والإنسان.

عذراء العلوي

 

3 تعليقات

  1. الوضوح والمباشرة أكثر ما يعطي المقال "المصداقية".. اللف والدوران حول الفكرة لا يدعمها إطلاقاً بل يجعل القارئ يرفض الاقتناع بها من الأساس.. الأغلبية يعلمون أن الفساد غير متجسد بشخص أو حتى 7 أشخاص.. ولكن من يتم اكتشافه يجب معاقبته.. والمتهم برئ حتى تثبت إدانته.

Comments are closed.