قطاع الاتصالات في عمان

تدور عجلة التنمية في عُمان وتنسى أن أحد أهم القطاعات الواجب تنميتها هو قطاع الاتصالات الذي يشكل أهم الركائز التي يعتمد عليها أي اقتصاد في العالم. الاتصالات أصبحت اللبنة الأساسية في المعاملات التجارية و التعليم والصحة وقطاع الخدمات العامة وغيرها من القطاعات. لكننا في عمان ننسى هذا القطاع ونحاول إدارة العجلة والتنمية في القطاعات الأخرى دون الالتفات للركيزة الأساسية. يؤثر هذا القطاع بشكل مباشر على المشاريع التنموية الأخرى مثل التجارة والحكومة الإلكترونية والتعليم والبحث العلمي.

ويبقى رغم تأثيره المباشر مهمل أو بطيء التطور بشكل ملحوظ. كثيرا ما نشاهد تذمر المستخدمين وكثيرا ما تصادفنا شخصياً مشاكل تقنية في خدمات الاتصالات سواء المحمولة منها أو الثابتة. لكن هذا الكم الهائل من التذمر والشكاوي لا تلاقي أي رد فعل من الجهات المسؤولة.

وإن وجدت فهي ضعيفة جدا ولا تقدم الجديد في المشكلة القائمة. تعتبر هيئة تنظيم الإتصالات (TRA) والتي تأسست بالمرسوم السلطاني رقم 30/2002 من أجل تنظيم خدمات الاتصالات وتطويرها هي المشرع الوحيد والمسؤول عن القطاع منذ عام 2002. قرابة أحد عشر سنة منذ تأسيس هيئة تنظيم الاتصالات لتطوير القطاع؛ إلا أن المستخدم لم يلاحظ الكثير في المحاور الرئيسية للقطاع مثل تغطية الشبكة وتوصيل الخدمات والتسعيرة، العذر الدائم الذي تقدمة الهيئة.

شركات القطاع الرئيسية عمناتل والنورس دائما ما تعلل ان سوء الخدمات يعود للشروط والقوانين المعمول بها في القطاع. إضافة إلى التركيب الجغرافي للسلطنة. هل فعلاً التركيب الجغرافي للسلطنة مؤثر لهذا الحد في عملية تطوير القطاع؟ إن كان التركيب الجغرافي للسلطنة عائق إذا ما هو سبب ضعف الخدمات في المدن والولايات الرئيسية مثل صلالة وصور وصحار والبريمي ومسقط جغرافياً لا تعاني هذة المناطق من تركيب جغرافي صعب ولا توجد الكثير من الجبال والأودية.

بداية العام الحالي 2013 أعلنت هيئة تنظيم الاتصالات من خلال مؤتمرعن خطة لتطوير القطاع بشكل كامل بينت من خلالها الكثير من التحديات التي تواجهها من ضمنها قلة الترددات الخاصة بالشبكة التي تستخدم في بعض القطاعات الأمنية في السلطنة إضافة إلى مشكلة الحصول على التصاريح البلدية، والتنسيق مع الجهات الأخرى. سمحت لي الفرصة أن أحضر المؤتمر وأطلع على بعض تفاصيل الخطة من الجانب التقني. تشمل الخطة الكثير من التحسينات على مستوى القطاع. نحن في الربع الثالث من عام 2013 أي أن الخطة اكملت سنة وثلاث أرباع سنتها الثانية ولا يزال الوضع على حالة لم يتغير؛ بل على العكس تماما. التغطية أصبحت أقل جودة وسرعات الانترنت أصبحت أكثر ضعفا. مثلما ذكرت سابقاً أن المستخدمين يتذمرون بشكل مستمر على خدمات الاتصالات في السلطنة بسبب ضعفها وارتفاع أسعارها، ولأن الهيئة وشركتي عمانتل والنورس لم تقدما أعذارا مقبولة للمستخدمين.

في الحقيقة فإن تذمر المستخدمين في محله، لأن الخدمات المقدمة لا ترضي أبدا خصوصا أن المستخدمين يعانون من عدم وجدود التغطية أو ضعفها والفترات الطويلة لتوصيل الخدمات المنزلية إن وجدت، وعدم مصداقية الشركات فيما يخص شكاوي المستخدمين. بالإضافة للتعرفة المرتفعة التي لا تتناسب مع جودة الخدمات المقدمة. للوقوف على المشكلة بشكل أفضل قمنا بعمل استبيان لخدمات الاتصالات في السلطنة، الأسباب والمشاكل التي تواجه المستخدمين، ومستوى رضا المستخدمين عن الخدمات بشكل عام.

شارك في الاستبيان 2,285 مستخدم من مختلف القطاعات بواقع 89.0% من الذكور و 11.0% من الإناث. شكل الموظفين النسبة الأكبر في الاستبيان بواقع 67.2% من عدد المستخدمين يليهم الطلاب 21.6%. الطلاب والموظفين هم الأكثر استخداما لخدمات الاتصالات بشكل يومي بسبب احتياجات العمل والدراسة. فيما يلي بعض الرسوم البيانية التي توضح مستوى رضا المستخدمين عن الخدمات وما هي المشاكل الأكثر أهمية من وجهة نظر المستخدمين: 1. الخدمات الأكثر استخداما في السطلنة: البينات توضح أن الهاتف الخليوي هو الأكثر استخدام في السطلنة بنسبة 82% وذلك بسبب النمو المتزايد لقطاع الأجهزة الذكية حول العالم. 2. ما هي أهم المشاكل التي تواجة المستخدمين؟ يوضح الرسم البياني أن تغطية الشبكة وضعف البيانات هما الأكثر أهمية لدى المستخدمين. من الجانب التقني فإن فقد هاتين الخدمتين تعني فقد الخدمة بالكامل.

مما يعني أن المستخدم مبالغ مالية لشركات الاتصالات دون الحصول على خدمات. هذا الأمر يخدم شركات الاتصالات في الجانب المادي بشكل كبير فالأرقام المليونية للارباح التي تسجلها الشركات في قطاع الاتصالات دون الحاجة لتطوير أنظمتها وخدماتها ودون الالتفات للمستخدمين مما يعني أرباح إضافية للشركات. قرابة 85% من المستخدمين غير ارضين على خدمات الإتصالات في عمان مما يعطي مؤشر واضح على ان الخدمات الموفرة من قبل الشركات لا تلبي احتياجات المستخدمين ابدا.

من وجهة نظري المتواضعة 85% يعني ان القطاع الحالي لا يعتمد على الدخل الذي يحصل علية من المستخدم الشخصي ولا يعيره الاهمية الاكبر إذا ما نظرنا للإحصائيات التي تشير ان 88% من المستخدمين هم من الموظفين والطلاب. من جانب آخر الخدمات على مستوى القطاع التجاري سيئة، ولا تلبي احتياجات الشركات بسبب السعر المرتفع وكثرة المشاكل الفنية. ولو أخذنا على سبيل المثال خدمة خط الانترنت المستأجر فإن الشركات تدفع 1725 ريال عماني لخط انترنت مستاجر بسرعة 1 ميجا بايت في الثانية في أغلب الأحيان تحصل على 70 -80% من السرعة. يضاف لذلك أيضا تسعيرات الهاتف الثابت والخطوط ال MPLS وغيرها من الخدمات التجارية التي تتعب الشركات التجارية في السلطنة.

أعتقد أن القطاع بحاجة لإعادة هيكلة، ويجب الوقوف على جميع المشاكل دون استثناء أولها تغطية الشبكة ومشاكل المستخدمين إضافة إلى ارتفاع الأسعار مقارنة بمستوى دخل الشركات والأفراد في السلطنة. ولا يمكن أن تحل المشاكل الحالية في القطاع مالم ينظر لمشاكل المستخدمين بشكل عملي ومنطقي. ختاماً يجب أن ندرك أن تنمية القطاعات الأخرى مرتبطة بهذا القطاع ولا يمكن المضي في مشروع الحكومة الإلكترونية وتطوير قطاع التعليم والصحة والتجارة مالم ننظر لمشاكل الحقيقية التي تعيق تقدم قطاع الاتصالات.

حسن العجمي twitter: @OmaniDev