“عضو بالشورى”: قانون المطبوعات والنشر “الخصم والحكم واحد”

أثار قانون المطبوعات والنشر العُماني مؤخراً نقاشاً واسعاً حول مكونات القانون و مقتضياته ، ليطرح تساؤلات جوهرية حول أداء مؤسسات النشر و الإعلام حكومية كانت، أو خاصة. وكيفما كان تقييمنا لهذا النقاش، فإنه يبقى ظاهرة صحية طالما بقي في إطاره بعيداً عن لغتي الوعد والوعيد أو لَيِّ الذراع، وفي أفق البحث عن إرساء ممارسات سليمة تتماشى مع متطلبات دولة القانون، فمن الزاوية الصرفة للقانون، ومن حسنات هذا النقاش، طرحه للتداول في الساحة العمومية، موضوعاً يهم جميع العُمانيين.

سعاد مالك العبري عضو بمجلس الشورى

وفي هذا الشأن، طرح سعادة مالك العبري ،عضو مجلس الشورى ممثل ولاية الحمراء على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) عدة نقاط تتعلق بالقانون فهو يرى أن القانون يتعلق بأهم حرية وهي حرية الرأي والتعبير وينظم مهنة الصحافة والطباعة والنشر وإجراءات إصدار الصحف وإنشاء المطابع وتداول المطبوعات وهذه المجالات شهدت متغيرات جذرية وتطور شامل في حين أن القانون يعود إلى بدايات الثمانيات وكتب بفكر السبعينيات، إذن فهو “لا يواكب المستجدات في مجال النشر الإلكتروني والكتاب الرقمي والمدونات والمواقع الإلكترونية بحيث لا يطرح كيفية الترخيص لها والتعامل معها وتأطيرها”.

ويضيف العبري أن ” القانون في المادة 5 يمنح وزارة الإعلام حق رفض إصدار الترخيص لإنشاء مطبعة بدون أن يلزمها تقديم مبررات كما أن على المتظلم اللجوء للجنة المطبوعات والنشر وهي بدون تمثيل قضائي ويكون قرارها نهائياً، بمعنى أن الخصم والحكم واحد”، كما يعتب على أن القانون يقيد الصحفي بحيث أنه “يتضمن في مواده من 25 وحتى 31 الكثير من المسائل المحظور نشرها وتمت صياغتها بعبارات مطاطة وغير محددة وغير دقيقة مما تخلق لدى الصحفي الخوف والهاجس من الوقوع في المحظور مما يكون لديه الرقابة الداخلية التي تقيد حريته وإبداعه الأدبي والفكري وتجعله “كمن يمشي في حقل ألغام ويتوقع أن يلمس لغم في كل خطوة يخطوها” كما يصفها سعادة مالك العبري .

القانون في صيغته الحالية يثير العديد من التساؤلات حول المتابعات القضائية للصحفيين ومديري التحرير فسعادته ممثل ولاية الحمراء يرى أن ” القانون لا يتوافق في بعض جوانبه والقوانين معمول بها من قبل السلطة القضائية كالإدعاء العام حيث يحمل رئيس التحرير وليس الصحفي المسئولية كما أن العقوبات لا تتناسب وحجم الجرم”، ويعتقد أن ” القانون يمنح لجنة المطبوعات والنشر حق إيقاع العقوبات بالصحفيين وهي لا تضم في تشكيلتها قاضياً واحداً ، فهي مكونة من موظفين حكوميين دون أي تمثيل قضائي ولا إجراءات واضحة لسير جلسات المحاسبة .وفي هذا إخلال بالمادة 22 من النظام الأساسي للدولة”.

وعن صلاحيات وزير الإعلام قال سعادة مالك العبري عضو مجلس الشورى ممثل ولاية الحمراء أن “القانون في مواده وخاصة المادة 22 و32يمنح وزير الإعلام صلاحيات تقديرية واسعة تقيد عملية الصحافة والنشر فهو يٌقدر وفق رؤيته ما يمكن نشره وما لا يمكن نشره خبراً كان أو مقالة أو صورة دون أن يوضح سبب المنع ولا حتى القانون يلزمه بذلك ولا يمكن رفع هذا الحظر إلا من الوزير ذاته”، كما أن القانون في بعض جوانبه يطرح تعقيدات بخصوص الاستثمارات في مجال مؤسسات النشر؛ إذ يفسر سعادته بأن “القانون يشمل على الكثير من الإجراءات والمطالب والاشتراطات لإنشاء المؤسسات الصحفية والتعقيدات مثل رفع رأس المال المطلوب لإنشاء صحيفة يومية يصل إلى نصف مليون ريال أو250 أسبوعية أو 150 إذا شهرية أو نصف شهرية و100للفصلية”، و بالتالي وجب :”تمحيص هذا القانون بما يطلب سوى الحد الأدنى من المتطلبات اللازمة تنظيمياً دون تعقيدات أو صعوبات غير مبررة ، بقصد تشجيع الاستثمار في هذا القطاع وازدهار الصحافة وخلق فرص عمل جديدة”.

ويختم العبري حديثه قائلاً: نجد أن القانون أصبح لا يلاءم متطلبات المرحلة الحالية التي تتطلب سقف مرتفع من الحرية وآليات أسرع لتنظيم تداول المطبوعات وتحرير الصحافة وتمكين السلطة الرابعة (الصحافة) لتمارس دورها المنشود من نقد الواقع لينتقل من رصد التنمية إلى نقد التنمية والمشاركة في مسيرة الإصلاح والتقويم ، وحتى تنشط صناعة النشر في السلطنة؛ إذ كيف تنشط هذه الصناعة في دول لا تتوفر بها ظروف الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي مثل ما هو متوفر بالسلطنة ، وأن التداخل مع السلطة القضائية من خلال لجنة المطبوعات والنشر التي تصدر أحكامها على الصحفيين غير مقبول في ظل دولة المؤسسات والقانون .

و كان وكيل وزارة الإعلام قد صرح في وقت سابق أن قانون المطبوعات والنشر الحالي الذي صدر في عام 1984، يخدم في الوقت ذاته الصحفيين. إذ ” أن القانون لا يستوجب كل هذا اللغط الكبير الذي يحصل حالياً، وأنه، أي اللغط، مبالغ فيه أكثر من المعقول” على حد تعبيره ،كما  نظمت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء مؤخراً في ندوة (قانون المطبوعات والنشر..الواقع والمأمول)، حيث قدمت خلال هذه الندوة الكثير من المحاور التي تهدف لإعادة النظر في مقتضيات القانون الجاري به العمل حاليا .

فراس التوبي – البلد