الإضرابات العمالية.. حظْر من “الوزير” رغم إقرار القانون

أصدر وزير القوى العاملة عبدالله بن ناصر البكري  منتصف نوفمبر الماضي قرارا “بحظر” القيام بإضراب أو الدعوة إليه في المنشآت التي تقدم خدمات عامة أو أساسية للجمهور أو في المنشآت النفطية والمصافي البترولية والموانئ والمطارات”، وفي حال وجود مطالب عمالية تتولى لجنة تشكل بقرار وزاري برئاسة ممثل عن الوزارة وعضوية ممثل عن غرفة تجارة وصناعة عمان، والاتحاد العام للعمال، وومثلي أطراف النزاع العمالي الجماعي. كما أعطى القرار صاحب العمل الحق في “اتخاذ الاجراءات القانونية ضد العمال المضربين”.

 

معارضة “القرار”  لنص “قانون العمل”

اختلف المواطنون حول مدى قبول هذا القرار القاضي بـ”حظر إضراب العمال” ومناسبته لقانون العمل العماني “المنظم” للإضراب في مادته (107) التي تفيد بأن على وزير القوى العاملة “تنظيم الإضراب”. يقول المحامي حميد الهنائي أن هذه المادة نصت  بشكل صريح أنه ينبغي على الوزير “تنظيم” عملية الإضراب، والمشرع أعطاه هذه الصلاحيات وهو إقرار ضمني بهذا الحق، ثم جاء القرار الوزاري ليحضر الإضراب “بشكل واضح وصريح أيضا”. مضيفا أن أية “لائحة أو قرار” ينبغي ألا يخالف “القانون” المختص وهو قانون العمل هنا، ويمكن لمن يود “التظلم والطعن على القرار أمام محكمة القضاء الإداري”.

 

لكن أمين عام مجلس الدولة الدكتور خالد السعيدي في حديثه للبلد يقول  أن اتحاد العمال في السلطنة كان “طرفا في هذا القرار” ولذلك لا يرى بأنه جاء ليحظر الإضرابات العمالية، بل “منظمًا لها”، ودعى كل من يرى أن في القرار تعدٍ على حق العامل في الإضراب “باللجوء إلى القانون”.

الاتحاد العام للعمال “لم تكن له يدٌ” في القرار الوزاري

وردًّا على كون الاتحاد العمالي طرفا في اتخاذ القرار الوزاري أعلاه، ينفي نبهان البطاشي نائب رئيس الاتحاد العام لعمال السلطنة أن يكون للاتحاد يدٌ في هذا القرار “من قريب أو بعيد”، قائلا إن الإضراب وسيلة يستخدمها العمال لإجبار صاحب العمل للتفاوض والتحاور معهم. ” فلماذا تمنع هذه الوسيلة؟” يقول إن “العمال يلجأون للإضراب حينما يصلون لمرحلة تغلق فيه كل الأبواب أمامهم” وأن “قانون حظر الإضراب كان ينبغي أن يخلق توازنًا بين العمال وأصحاب العمل والوزارة، لأن الإضراب لا يخرج إلالعدم إلتزام الشركة بحقوق العمال”.

قانون جديد للعمل العام المقب

يضيف البطاشي بأن أي قرار لا يمكن أن يمنع الإضراب لدى العمال “طالما استمرت مظالم العمال”، وأن لا وسيلة لمنع الإضراب إلا “بالحوار”، وهو “الحلقة المفقودة بين أطراف النزاع في الحقل العمالي بالسلطنة”، خاصة وأنه “غير متقبّل مع النقابات العمالية”. يقول البطاشي: “خاطبنا وزير القوى العاملة في كون القانون الحالي لا يحترم العمال ولا يخدم عملية الحوار، وجار رد الوزير بأنه سوف يتضمن قرار الإضراب في قانون العمل الجديد الذي يجري العمل عليه، وسيحمل تغييرات كثيرة. ويتوقع البطاشي صدوره قُرابة مارس العام المقبل.

تأطير الإضرابات العمالية وفقا للقانون

يدعو الدكتور سالم بن سلمان الشكيلي أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس بوضع الإضراب والوقفات الاحتجاجية العمالية ومطالباتهم في إطارها القانوني لإرساء دولة القانون، ومبدأ سيادة القانون. و”أي متضرر يشعر أن هذا القرار الذي اتخذ في حقه فيه تعسف وتعدي على استعمال السلطة ينبغي أن يطعن عليه أمام الجهة المختصة.

ويقف أستاذ القانون “ضد إيقاف وتعطيل العمل خاصة في المنشآت النفطية”، قائلا “إن التظاهر هو حق أصيل للجميع، ويجب أن تكون التظاهرة سلمية ومنظمة، ولا تؤدي إلى إعاقة وشل المرافق العامة والمؤسسات وخاصة النفطية، وهي العصب الحيوي للبلاد وموارد الدولة”.

ويرى أن التظاهرات والاحتجاجات العمالية التي حصلت بالسلطنة أنها “سلمية ومشروعة” بشرط “ألا تستمر” ، وقال بأن استمراريتها غير مرهونة بتلبية المطالب، إنما “بفترة زمنية معينة وينبغي التغيير فيها بالوسيلة المستخدمة للضغط على أصحاب القرار”. مشددا على أصحاب العمل عدم اللجوء للفصل الذي قد يكون تعسفيًّا في حق العمال، فهو “غير مشروع وغير صحيح”، وعلى المتضرر أن يلجأ للقضاء”.

يذكر أن المادة (107) من قانون العمل العماني الذي يجري العمل على تغييره تنص على أن العامل الذي لديه شكوى أن يتبع أولا النظام المعمول به مع صاحب العمل، فإذا لم يوجد مثل هذا النظام أو وجد ولكن لم يجد حلا لشكواه، فله أن يقدم طلبا إلى الدائرة المختصة للسعي في حسم النزاع القائم وبينه وبين صاحب العمل، ويصدر الوزير قرارا بتنظيم المفاوضة الجماعية التي تتم بهدف حسم النزاع العمالي الجماعي أوتحسين شروط وظروف العمل أو رفع الكفاءة الإنتاجية وتنظيم الإضراب السلمي والإغلاق.

رحمة الجديلي – البلد