الوهيبي: السلطان همّش الانتماءات الضيقة.. وصراعات المنطقة سببها “استيراد التاريخ”

قال الباحث العُماني خالد الوهيبي أن السلطان قابوس بنى الدولة الحديثة بالانتماء إلى مُحَددّين رئيسين هما: الإسلام و الوطن، وهمّش الانتماءات الضيقة من خلال خطاباته وهذا بدوره أدى إلى بناء مجتمع يزخر بالتنوع.

وأضاف خلال حديثه حول الخطاب الديني في عمان في برنامج حوار البلد، الذي تبثه صحيفة البلد بالتعاون مع إذاعة هلا إف إم، “أن التدين في المجتمع العُماني قائم على القيم العليا للدين فضلاً عن أعراف المجتمع، وبيّن أنه طالما المجتمع العماني يطور من نفسه سينشأ لدينا إجتماع بشري قادر على هضم أي غلو خارج عن الاعتدال”.

 

وأشار الوهيبي الذي له نشر مؤلفات في قضايا فكرية في عمان،  أن الدين ليس محصورا في جماعة معينة تنصب نفسها متحدثة باسم الله وهي تحتكر الدين لنفسها، داعيا إلى ضرورة سيادة قيم نبذ العنف بأنواعه اللفظي والجسدي وتفعيل السُنينّة في الخطاب الديني.

وأكد أن ما يحدث في المنطقة يؤثر على المجتمع العماني، وأوضح أن ما يحدث الآن في المنطقة من صراعات وأحداث هو “استيراد التاريخ”  والصراعات التاريخية التي حدثت باسم الله وما زالت تؤثر علينا.

وبيّن الوهيبي أن الحل في تجنب آثار الصراعات الحاصلة في المنطقة هو الانتقال من الحالة التاريخية إلى الحالة السُننّية وهي اتفاق آفاقنا مع سُنن الله، ودعا رجال الحُكم والأحزاب والفقهاء والإعلاميين إلى ضرورة حث الناس إلى ما ينفعهم والبحث عن الأفكار النافعة، مشيرا إلى عدم وجود “حلول سحرية” لعلاج ما يحدث في المنطقة، علينا أن لا نغتر ما في مجتمعنا العُماني من تعايش.

وقال: على البشر أن يفكروا في الوقت الحاضر، استيراد الأفكار من الماضي لا يمكن أن يحل مشكلات الحاضر، وأن المجتمعات المتمدنة الحقيقية هي مجتمعات في تطوير دائم لأدائها.

ويرى خالد الوهيبي أن بعض الأحكام الفقهية تحتاج إلى مراجعة؛ كون أن مفعولها الاجتماعي انتهى، واستدعاؤها اليوم يؤدي إلى صراع.

وأشار في حديثه حول تأثير خطب الجمعة على الخطاب الديني في عمان، دعا إلى ضرورة نبذ العنف اللفظي في الخطب الدينية؛ فالمجتمعات الحقيقية دائما تتدافع بالقيم العُليا، ويعزو الوهيبي سبب تراجع تأثير خُطب الجمعة إلى عدم وجود كفاءات ذوو خبرة لكثرة المساجد في السلطنة، وأن وجود كفاءات لتغطية هذا الكم الكبير من المساجد أمر صعب إن لم يكن متعذرا.

وقال الوهيبي أن السياسة الرسمية ارتأت توحيد خطب الجمعة خوفا من خروج مضامين أخرى قد تُشكّل خطرًا يصعب السيطرة عليها فيما بعد، داعيًا إلى ضرورة تقليل المساجد التي يُصلّى فيها الجمعة ، وبالتالي سيعتلي المنابر من يملكون الكفاءات.

وأكد الوهيبي في حديثه إلى عدم الخروج عن السُننّية في مخاطبة قلوب وعقول الناس وأن ينزل المستوى في مخاطبة الناس إلى الإسفاف، وأن الخروج عن الخطاب السُنني يُنشئ أجيال ضحلة التفكير.

وفي حديثه حول طبيعة الخطاب الديني الموجه للشباب، قال الوهيبي ” الشباب اليوم لهم لغتهم الخاصة وتطلعاتهم؛ لذا علينا فهم الأجيال الحالية التي ما عادت تؤمن بفرض الأفكار، لابد من اللجوء إلى أسلوب الإقناع و الحوار وتحمل اندفاع الشباب في بعض الأحيان وتجاوزاتهم”.

ودعا الوهيبي المؤسسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وكل قوى المجتمع إلى السعي لتطوير مستواها الاجتماعي والفكري، مؤكدا أنه على المجتمات أن تحصن نفسها بالعدل والمراجعة “لدرء خطورة وقبح الجماعات التي تؤمن بالعنف وجاوزت حدود الإنسانية”، مشيرا إلى أن بعض الأفكار التي تؤمن بها بعض “الجماعات المتطرفة” ندّرسها في مناهجنا الدراسية دون أن ندرك ذلك، وأن الثورة المعرفية حقيقة لا يمكن أن تجاهلها، ولا نملك شيء سوى رسالة الأنبياء ومخاطبة الناس وإدراك مواطن الخلل لدينا.

وختامًا أكدّ خالد الوهيبي أن مستقبل عمان يكمن في السُننية، وأن يعيش المجتمع الحاضر والمستقبل لا أن يعيش في الماضي، داعيا إلى تطوير المجتمعات لوتحصينها من الأفكار الدخيلة.

مسقط – البلد