كشفت دراسة استطلاعية بشأن انتشار سوء المعاملة أثناء التدريب الطبي في جامعة السلطان قابوس عن تفاصيل مزعجة. وأجريت الدراسة في مايو 2010 وشارك فيها 58 من المتدربين المقيمين أعمارهم في أواخر العشرينات، وأكد 56 منهم على انتشار سوء المعاملة.
وبين الدراسة التي جاءت تحت عنوان “دراسة استطلاعية حول مدى انتشار سوء المعاملة والامتهان أثناء التدريب السريري: دراسة مستعرضة بين المقيمين في السنة الأولى في السلطنة “، تبين أن الأطباء عانوا أثناء السنة الأولى من إقامتهم من سوء المعاملة المتمثلة في التحرش الجنسي، والإيذاء الجسدي، والشتم، وسوء المعاملة الأكاديمية من أعضاء الطاقم الطبي ذو المرتبة الأعلى بما في ذلك الاستشاريون والمتخصصون خلال فترة التدريب التي تمتد إلى ثلاثة أو أربعة أشهر في مستشفى جامعة السلطان قابوس.
ومن بين الأنواع المختلفة لسوء المعاملة التي تم الإبلاغ عنها، كانت الإساءة اللفظية والأكاديمية أكثرها شيوعاً (88%)، يليها التحرش الجنسي (42%) ثم المضايقات الجسدية (22%). ونتج من ذلك أن 76% من المُستَطلَعين نصحوا واحداً من أقاربهم على الأقل بعدم الالتحاق بكلية الطب.
وقال الدكتور محمد الشافعي رئيس قسم طب الأسرة والصحة العامة في كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس والباحث الرئيسي في هذه الدراسة: ” لقد بدأنا هذه الدراسة كمتدربين يشكون من سوء المعاملة, فنحن أيضاً واجهنا هذه المشكلة أثناء فترة تدريبنا، وتم إبلاغ الإدارة عن مشاكل التسلط في دول مختلفة. في العالم العربي بما في ذلك سلطنة عمان، تكثر الأدلة على أن متدربي الطب يعانون كثيراً من هذه المحن النفسية”.
“وتفيد بيانات وزارة الصحة أن الإناث تشكل ما نسبته 60% من القوى العاملة في المجال الصحي والطبي في السلطنة . وحيث أنه لم يتم إصدار أي بيانات في عمان، وبحسب الشافعي جاءت هذه الدراسة لتهدف إلى تقدير مدى سوء المعاملة أو الامتهان لمتدربي الطب العمانيين من الخلال السعي إلى ما يرد على تصورهم لسوء المعاملة ومن ثم فهم العوامل التي تؤدي إلى ذلك حتى نتمكن من رسم المبادئ التوجيهية للحد من هذه المشكلة وتوفير التدخلات المبنية على الأدلة والتي تتناسب مع وضع سلطنة عمان”.
وأوضح الشافعي أن ما يقصد بالتدريب في الدراسة هو ” الفترة التي يطبق فيها خريجي الطب ما تم دراسته عملياً في المستشفيات مع وجود المشرفين، وذلك قبل البدء في برنامج التخصص. وتكون مدة التدريب الداخلي في السلطنة من ثلاثة إلى أربعة أشهر يمارس المتدرب خلالها التدريب في مجالات الطب العام والجراحة العامة بالإضافة إلى طب الأطفال أو التوليد وأمراض النساء”
وقد نُشرت هذه الدراسة في المجلة الطبية البريطانية المفتوحة في مجلة The British Medical Journal Open
الشهر الماضي. وقال الدكتور الشافعي أنها ستكون الأولى من نوعها في الدولة والشرق الأوسط. وتم التأكيد على المشاركين أنه لن يتم الكشف عن هوياتهم. وقد شكلت النساء 52% من المستَطلَعين, في حين شكل الرجال ما نسبته 48%.
وحددت الدراسة أن الإيذاء الجسدي يكون على شكل الصفع أو الدفع أو الضرب أو الركل أو إلقاء الأشياء عليهم والتي من الممكن أن تتسبب في الأذى الجسدي.
وتمثلت سوء المعاملة الأكاديمية في إجبار المتدربين على القيام بخدمات شخصية لا علاقة لها بالأدوار المنوطة بهم. كما شملت أيضاً حالات من المتدربين تم استبعادهم من فرص تعليمية في هذا المجال عُرضت على الآخرين، أو التهديد بسوء التقييم لأسباب لا علاقة لها بالأداء الأكاديمي. أما بالنسبة للاعتداء الجنسي فيتمثل في التعرض للنكت التي تدور حول أو ضد الجنسين، وكلمات مديح أو تعليقات على الجسم أو الشكل, أو التعرض للنظرات الخبيثة المتكررة أو من خلال تقديم هدايا غير مرغوبة ولها دلالات جنسية. كما أن عروض الجلسات التعليمية الخاصة أو الحصول على درجات أفضل مقابل علاقة غير مشروعة بالإضافة إلى اللمس غير اللائق يشكل تحرشاً جنسياً.
وبحسب التقرير الذي نشرته مسقط ديلي قال عدد من الذكور من المتدربين أنهم عانوا من سوء المعاملة بمستويات أعلى من الإناث لاسيما من ناحية الإساءة الأكاديمية.
وتُظهر المؤشرات حول الاعتداء الجنسي أنه تم مضايقة 18% من الذكور و13% من الإناث بالنكت أو التعليقات ضد جنسهم, كما تلقى 7% من الذكور و17% من الإناث تعليقات حول أجسامهم أو أشكالهم. إضافةً إلى أن 20% من النساء اللاتي شملهن الاستطلاع و4% من الرجال تم التعامل معهم بلغات جسدية عدائية (مثل النظر بخبث والوقوف القريب جدا بجانبهم).
وذكر أكثر من 50% من مجموع المستطلعين أنهم عوملوا بسوء من قبل الاستشاريين, تليها سوء معاملة المتخصصين، والأطباء المقيمين، والممرضات، وأقارب المرضى وغيرهم. وكانت الأرقام القياسية لسوء المعاملة أثناء التناوب الطبي العام أعلى بكثير من التناوب في طب الأطفال أو في طب الجراحة. وتأتي سوء المعاملة في طب الأطفال في المستوى الثاني.
وبالسؤال عن أسباب عدم الإبلاغ عن سوء المعاملة، قال أغلبية المستطلعين أنهم أرادوا تجنب المزيد من المشاكل حيث يعتقدون أن الإبلاغ يمكن أن يؤثر سلباً على التقييم والحياة الوظيفية المهنية. وقال الدكتور الشافعي أن بعضهم لا يعرف من يبلغ وكيفية تقديم الشكوى.
وأضاف: “النتائج غير متوقعة، وبما أنه لا يوجد حل سحري للتخلص من سوء المعاملة السائدة للمتدربين، فقد يكون من الممكن تقديم دورات إلزامية للطاقم الطبي حول الوعي في عواقب الامتهان وسوء المعاملة”.
ترجمة : سميرة الريامي
الصورة : عن الإنترنت
اصبر ثم صبر
اصبر ثم صبر
اصبر ثم صبر