كلمتين وبس


مياه المعبيلة

أسكن منذ ست سنوات تقريبا في منطقة المعبيلة الجنوبية بولاية السيب، وفي حلة يطلق الناس عليها حلة الملاحظ. أثناء تفاوضي مع المالك لاستئجار منزله الفسيح المكون من طابقين وملحق، صارحني بالحقيقة المرة: المنطقة جميلة وهادئة لكن ليس بها مياه حكومية. ولكنه عاد ليؤكد أن الأمر لن يطول، لان إدخال المياه إلى المنطقة مدرج في الخطة الخمسية، ولأن جميع المناطق المحيطة بها يتمتع سكانها بالمياه الحكومية منذ سنوات!! منذ قدومي للمنطقة أسرتني بجمال منازلها وهدوء شوارعها واتساعها، فتحملت مكرهًا مشكلة المياه، ولجأت كغيري إلى الاعتماد على سائق “التانكر” الذي يأتيني يوما بعد يوم، وقد يغيب أياما خاصة في نهاية الأسبوع، فاضطر إلى الذهاب بنفسي إلى محطة المياه ومصاحبة “تانكر” آخر إلى المنزل. ويتعقد الأمر كثيرا أثناء الأنواء المناخية والبشرية، وأخرها إضراب أصحاب ناقلات المياه في المنطقة منذ أسبوعين الذى حرمنا من المياه ثلاثة أيام كاملة.

كل يوم يمر نقول ربما تتذكر الحكومة المنطقة وتمد إليها أنابيب المياه، ونمني النفس بأن نعود يوما من أعمالنا لنجد المياه وقد دخلت المنازل، ولكن هذه الأمنية البسيطة لم تتحقق حتى يومنا هذا ولا يبدو أنها في سبيلها للتحقق في السنوات القادمة. الغريب في الأمر أن خزان المياه الضخم الذى يغذى المعبيلة الجنوبية كلها يقع على رأس الدوار المؤدي للمنطقة، والأغرب أنه في الشهور القليلة الماضية أنشئت عمارات كبيرة متعددة طوابق ومنازل جديدة في المنطقة، وتم تزويدها بالمياه الحكومية، رغم أنها لا تبعد عن الشوارع المحرومة من المياه سوى أمتار قليلة.

السؤال الآن: ما الذي يحول دون إدخال المياه الحكومية إلى المناطق المحرومة منها في منطقة المعبيلة الجنوبية، خاصة ونحن نسمع كل يوم تقريبا عن خطط الهيئة وإنجازاتها في زيادة قدرات محطات التحلية والضخ الوصول بالمياه إلى المناطق النائية، في حين أنها لم تتمكن حتى الآن من تغطية العاصمة بشبكة المياه؟ أما السؤال الأهم فهو لماذا يتم تمييز العمارات الكبيرة وبعض المنازل على منازل أخرى مجاورة لها ومد المياه إليها؟ ولماذا تطول فترة الوعد بإدخال المياه إلى سنوات يعاني خلالها الناس من تحكم سائقي ناقلات المياه وارتفاع الأسعار (ثلاثة ريالات لكل 650 لترا). ويكفي أن نشير إلى أن كل منزل يحتاج إلي 60 ريالا شهريا على الأقل لضمان تدفق المياه فيه بشكل دائم، في حين أن بدل المياه المقرر منذ فترة طويلة الذى تقدمه الجهات الحكومية لموظفيها لا يتعدى الريالات الثمانية.

أشياء قد تبدو صغيرة في نظر البعض.. ولكنها كبيرة جدا في ترسيخ مفهوم ومعنى المواطنة القائمة علي المساواة في نفوس الناس. لا نريد أن نقول للهيئة ان المساواة في الظلم عدل.. ولا نطالبها كذلك بوقف ضخ المياه عن العمارات والمنازل المحظوظة في المنطقة إلى حين توصيل المياه لكل المنازل المجاورة.. ولكننا وباختصار وفي “كلمتين وبس” نقول لها: المساواة في العدل قمة العدل. ودمتم.

 ابن البلد