فراعنة القلاع

إن مفهوم صناعة السياحة مفهوم رائد في أنحاء عدة من دول العالم التي تمتاز بمنتج سياحي ثري حينما يُرى بمنظور أقتصادي وثقافي، وتجربة السياحة في السلطنة ينبغي لها أن تنتهج مسار عصرنة الموروث وتوظيفه بنهج علمي حديث يكفل له الاحتفاظ بهويته، وذلك من خلال معالجة تآكله المنطوي على تعاقب فترات الإهمال غير المسؤول بسبب صرف النظر عنه اتجاه مكمّلات قد يؤمن البعض بأنها أساسية ويراها أخرون بأنها ثانوية، حيث أنها تأتي في خطوات متقدمة في صناعة السياحة.
إذ أن ترتيب أولويات تنمية المنتج السياحي خطوة مهمة سوف تسهم إيجابياً في تحليل مكوناته تحليلاً يتوافق مع خطة ترويجه خارجياً عبر وسائل حديثة متّزنة ليصل الى أسواق السياحة العالمية المصدرة لشرائح متعطشة لمنتج يحمل في مضمونه إرثاً ثقافياً تنغامت على هويته بصمات لبشر سُخّرت كأدوات بناء لتتحدى بيئتها، فإذا تناولنا القلعة بشكل خاص كونها إحدى مكونات المنتج السياحي العُماني – والذي تنفرد به السلطنة عن غيرها من دول المنطقة – ووضعنها في منظومة التقييم، سوف نجد أننا نعاني بشدة من إهمال لهذا الموروث العظيم – إلا من بعضه القليل- وهو موروث لا يستهان بعددهُ البالغ أكثر من ٥٠٠ حصن وقلعة في مختلف محافظات السلطنة، وذلك لعدم وجود آلية لتوظيفه في قالب سياحي وترويجه ليحقق أهداف عدة على صعيد العائد المالي، وتوظيف كادر متخصص بالسياحة أوالتراث على حد سواء، وترويج لتاريخ زاخر لما يعكسه هذا الموروث من دلالات البناء والتشيد وفكراً يحاكي تحدي البشر لطبيعة البيئة من حوله في سنين مضت .
إن ما تجنيه مصر من موروث الفراعنة يشكل نسبة عالية في دخلها القومي من ناتج السياحة العام لديها، وذلك لما تمتاز به من أدوات توظيف لآثارها ضمن قالب سياحي يتمتع ببرامج تسويقية علمية رُبطت بحضارة الفراعنة المُبهرة لأقطاب العالم ، فكان لها ما أرادت من توظيف عدد تجاوز المليون في هذا القطاع والذين باتوا يكافئون فراعنتهم عبر أبراز حضارتهم بشكل يليق بعظمة بنائهم.
إن طرق استثمار القلاع سياحياً تحتاج لعمل جاد وتبنّي مدروس يكفل الحفاظ عليه شامخاً بعيداً عن مدار الإهمال البشري وعوامل الطبيعة التي لا تفاوض، واعتزازا بمن اجتهد ليضعه بين ناظرنا واقعاً ملموساً نفاخر به ضمن هويتنا وتاريخنا.

لـ : يعقوب البلوشي

٢٠١٢١٢٠٨-١٣٠٤١٢.jpg