ذكرى”حرب تموز”.. هزيمة في عمق دولة الإحتلال

بخلاف الحروب التي وضعت العرب في مواجهة مستمرة مع بني صهيون على طول الامتداد التاريخي للصراع العربي الصهيوني على الأرض؛ كانت حرب تموز أو حرب لبنان الأخيرة تضرب عمق الكيان الإسرائيلي في حدود الأراضي التي اغتصبها في استراتيجية هجومية اتخذها حزب الله كـ طرف أساسي وربما وحيد لـ رد العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006م..

 

بدء الحرب

حرب تموز أو الحرب اللبنانية الثانية انفجرت إثر أسر حزب الله جنديين إسرائيليين في إحدى عمليات الحزب الهجومية على الحدود الإسرائيلية اللبنانية؛ وفي خطوة من الحزب لإيجاد طريقة لإخراج أومبادلة الأسرى اللبنانيين ومن معهم من بقية المعتقلين في السجون الإسرائيلية. حملت هذه الخطوة القوات الإسرائيلية للإقدام إلى اقتحام الجدار الحدودي والدخول للأراضي الفلسطينية لتحرير أسراها من يد حزب الله. صرع أحد الجنود الأسرى الإسرائيليين أثناء هذه العملية دون أن يعلن الحزب ذلك.

في اليوم الثاني من العدوان شن الجيش الإسرائيلي هجوما جويا على جنوب لبنان بالإضافة إلى مشاركة القوات البحرية في الهجوم الذي استهدف مرافق عامة أدى إلى مقتل العشرات وخسائر فادحة في الجانب اللبناني؛ أعلن على إثره حزب الله عن مسؤوليته الفردية عن العملية ومواجهة الطرف الصهيوني في الحرب القائمة بالإضافة إلى إعلانه عن إبعاد وترحيل الأسرى الإسرائيليين إلى مكان بعيد. داعيا حسن نصر الله إسرائيل لعقد صفقة تبادل الأسرى وتحذيره من كون الحزب جاهز لأي تصعيد من الجانب الصهيوني.

الحصار

فرضت إسرائيل خلال الحرب حصارا بحريا وجويا على لبنان في الوقت الذي انقسم فيه الموقف العربي و الدولي من شرعية الإعتداء الصهيوني على الأراضي اللبنانية وفي الوقت الذي نزح فيه ما يقارب نصف مليون مواطن لبناني من الأراضي التي كانت مسرحا للقتال. ورغم مأساوية الوضع الإنساني في جنوب لبنان إلا أن الخارجية الأمريكية ظلت تماطل في توجيه الدعوات الدولية لوقف فوري لإطلاق النار معبرة كوندليزا رايس وقتها بقولها إن القتل في الشرق الأوسط هو مخاض الشرق الأوسط الجديد..!

الضاحية
ظل حزب الله في مركزه في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت يقصف الأراضي التي احتلتها إسرائيل بالصواريخ ضاربا بذلك العمق الإحتلال الإسرائيلي في حدث مميز في تاريخ الصراعات العربية الإسرائيلية التي لم يتمكن العرب قبلها من وضع أراضي إسرائيل مسرحا للقتال والدمار.
وقعت آخر الغارات الإسرائيلية على أراضي جنوب لبنان في مثل هذا اليوم الـ 18 من أغسطس عام 2006، صدر قرار مجلس الأمن الدولي بإنهاء العمليات القتالية من كلا الجانبين وانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية. ورغم إعلان إسرائيل لنصرها في الحرب إلا أن النتائج المسحية والخسائر المحسوبة في جانب الطرفين أثبت أن إسرائيل خسرت كثيرا في حرب تموز ولم تحقق أيا من أهدافها التي وضعتها لبدء الحرب مع الطرف اللبناني المتثمل في حزب الله سواء المتمثلة في استعادة الأسرى أو تحطيم جهاز حزب الله المعادي لإسرائيل.

صرح بعدها حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني عن النصر الذي حققه الحزب قائلا إن “مقاتلي الحزب سطروا نصراً تاريخياً ليس للبنان فقط بل لكل الأمة”.. مسميا لهذا النصر بـ النصر الإلهي معللا ذلك أن الحزب انتصر على أقوى جيش في الشرق الأوسط وأقوى سلاح طيران فيه مضيفا إنه لن يدخل في جدل نزع سلاح الحزب.

نتائج الحرب
ونشرت صحيفة الواشنطن بوست حول الحدث قائلة: إن نتائج حرب تموز 2006 كانت كارثية على “إسرائيل” وأن الخسائر التي ألحقها حزب الله بجيش العدو الإسرائيلي المجهز بأحدث الأسلحة وقدرة أفراد الحزب على استخدام أنظمة الصواريخ الموجهة والمعقدة المضادة للدروع، وقدرته على الصمود في الأرض التي يقاتل بها حتى في المعارك التي دامت لأكثر من 12 ساعة متواصلة والتشويش على أنظمة الاتصالات الإسرائيلية وضرب البارجة الإسرائيلية المتطورة ساعر 5 أذهلت الخبراء العسكريين الأميركيين ودفعت بالبعض إلى التحذير من دخول الولايات المتحدة في مثل هذه الحروب على الأقل في الوقت الراهن